لا يمكن أن لا تشكل خسارة المنتخب الفرنسي أمام نظيره الهولندي (1-4) في الدور الأول من بطولة كأس الأمم الأوروبية محطة مفصلية للتوقف عندها.
الهولنديون أكدوا أن فوزهم الكبير (3-0) في المباراة الأولى على إيطاليا بطلة العالم لم يكن مجرد صدفة، وهم أعادوا الكرّة مع المنتخب الفرنسي وصيف بطل العالم وبنتيجة أقسى (4-1)، ولا بد من أن نقرّ بتفوق المنتخب الهولندي في "مجموعة الموت" وهو بذلك ضمن التصدر والتأهل على حد سواء.
أضف إلى ذلك أن فوز الهولنديين لم يكن وليد صدفة بل كان نتيجة أداء ملفت وأسلوب لعب جميل يقوم على تضافر جهود جميع اللاعبين ويستفيد من الهجمات المرتدة السريعة لمباغتة خصومه (5 من أهداف هولندا السبعة أتت من هجمات مرتدة).
والحق يقال أن ماركو فان باستن مدرب المنتخب الهولندي عرف كيف يطبق أسلوب الكرة الشاملة الذي يعتبر العلامة المسجلة باسم الهولنديين، وأن فان باستن عرف كيف ينقل ذلك إلى أرض الملعب مستفيداً من تجربته كلاعب مع مدربه رينوس ميشيلز الذي ابتدع هذا الأسلوب وقاد به هولندا بقيادة فان باستن نفسه إلى اللقب الأوروبي عام (1988) علماً أن فان باستن توّج هدافاً لتلك البطولة برصيد 5 أهداف.
وبقدر ما يقف المراقبون باحترام وإعجاب أمام المنتخب الهولندي، بقدر ما ترسم علامات استفهام كبيرة حول أداء المنتخب الفرنسي المدجج بالنجوم والذي من المفترض أنه من أقوى المرشحين لإحراز اللقب أقله على الورق، ولكن المراقبين والشارع الفرنسي يتساءلون تحديداً عن أسلوب اللعب الذي اعتمده المدرب ريموند دومينيك لا سيما في ما يتعلق باختيار اللاعبين.
ولكن سؤالاً جوهرياً يطفو إلى الواجهة وهو: لماذا لم تجد فرنسا نفسها بعد زيدان؟ لا يمكن إغفال حقيقة مفادها أن المنتخب الفرنسي تأثر كثيراً باعتزال زين الدين زيدان اللعب وهو الذي كان قلب الفريق النابض.
الأمر الثاني هو أن ريموند دومينيك لم يعرف كيف يجد توليفة يمكن أن تعوض غياب زيدان، وهو بدل البحث عن هذه التوليفة راح يجرب لاعبين وتشكيلات، فتارة كان يشرك سمير نصري وأخرى فرانك ربيبري، ومرة كريم بنزيمة ومرة ثانية سيدني غوفو، فضلاً عن عدم ثباته على تشكيلة واحدة، وإبقاءه على عدد من اللاعبين الكبار ليشكلوا العامود الفقري للمنتخب وهم ليليان تورام ووليام غالاس وكلود ماكيليلي وتييري هنري برغم تقدمهم في السن أو فقدانهم مراكزهم الأساسية في فرقهم، ومتجاهلاً تألق بعض اللاعبين الآخرين كدايفيد تريزيغيه وفيليب ميكسيس وإقصاءهم عن الفريق.
مما لا شك فيه أن مصير دومينيك وبقاءه مع المنتخب الفرنسي بات موضع تساؤل كبير، لا سيما وسط نقمة الشارع الفرنسي من تواضع مستوى أحد أقوى المنتخبات في العالم، وقد تكشف الأيام المقبلة عن قرارات جوهرية تتعلق بمستقبل المسؤولين عن "الديوك".