خمسة ملايين طفل يتيم و (220) ألف نــازح
إعداد: قسم التحقيقات
الوضع الأمني أسهم في حصول ارتفاع خطير في نسبة عدد الأيتام
مشروع قانون صندوق رعاية الأيتام على الرف
برلمان للطفل العراقي.. ضرورة لبناء جيل جديد
حذرت منظمات غير حكومية عراقية من خطورة تأثير الوضع الأمني على أطفال العراق مؤكدة إن هذا الوضع أسهم في حصول ارتفاع خطير في نسبة عدد الأطفال الأيتام والمتسربين من التعليم إضافة إلى الأطفال الذين يتعرضون لاعتداءات جنسية.
وجاء تحذير المنظمات متطابقا مع الإحصائيات الحكومية الرسمية التي تقول إن عدد الأطفال الأيتام في البلاد بلغ خمسة ملايين طفل يعيش معظمهم ظروفا اجتماعية صعبة، في حين يبلغ عدد الأطفال النازحين داخل وخارج البلاد -في سن الدراسة الابتدائية- نحو 220 إلف طفل، لم يستطع ثلثهم مواصلة تعليمهم خلال عام 2008 فضلا عن وجود 760 إلف طفل لم يلتحقوا أصلا بالمدارس الابتدائية.
ارتفاع معدلات نزوح الأطفال
سجلت المنظمات غير الحكومية حصول ارتفاع في معدلات نزوح الأطفال نتيجة الإعمال المسلحة، وقالت ان المعدل الشهري للاطفال النازحين جراء اعمال العنف والتهديدات من الميليشيات والجماعات المسلحة بلغ 25 ألف طفل تتراوح اوضاعهم بين التهجير الداخلي والهجرة الى دول الجوار.
وأفادت احصائية اخيرة اصدرتها وزارة التخطيط ان عدد اليتامى من اطفال العراق بلغ بين اربعة الى خمسة ملايين طفل، وان هناك 500 ألف طفل مشرد في الشوارع.
وأشرت الاحصائية على وجود تقصير في عمل المؤسسات الحكومية المتخصصة بإيواء ورعاية الايتام، وقالت ان دور الايتام التابعة للدولة تضم حاليا 459 يتيما فقط من بين هذه الملايين من اليتامى والمشردين.
وأكدت تقارير وزارة العمل والشؤون الاجتماعية هذه الحقائق، واضافت حقيقة وجود اطفال عراقيين في السجون الامريكية والعراقية. وتؤكد لجنة الاسرة والمرأة والطفل في مجلس النواب العراقي، ان مليوني طفل عراقي يعانون سوء التغذية والتعليم، ويشكو الالاف من انتكاسات نفسية بسبب التحرش الجنسي، في حين يقبع 1300 طفل في المعتقلات والسجون الحكومية.
منظمة اصوات الطفولة
وكانت منظمة اصوات الطفولة (منظمة غير حكومية مقرها بغداد) قد كشفت عن وجود احد عشر الف طفل مدمن على المخدرات في بغداد وحدها.
وتقول المنظمة ان العشرات من الفتيات اللواتي تتراوح اعمارهن من 12 الى 16 سنة اصبحن ضحايا للاغتصاب، وان عشرات من الفتيات ممن هن في سن 12 وما فوق يتعرضن الى التحرش الجنسي. واضافت المنظمة انها رصدت اماكن تستخدم لممارسة الجنس مع الاطفال في بغداد والمحافظات الاخرى، اضافة الى وجود اكثر من مليون طفل دخلوا ميادين العمل وغالبا ما يتعرضون الى العنف والانتهاكات الجنسية نتيجة اتساع دائرة الفقر حيث يعيش ثلث سكان العراق حاليا تحت خط الفقر بحسب المنظمة.
صراع الكتل السياسية
ويؤكد أعضاء في مجلس النواب إن صراع الكتل السياسية هو من يقف وراء فشل البرلمان في اتخاذ عدد من القرارات وقراءة الواقع العراقي بدقة.
ويقول العضو في المجلس محمود العاوي، إن الحكومة العراقية الحالية همشت تماما أيا من المشاريع او القوانين المتعلقة بتوفير الحياة الكريمة للأسرة، وخاصة الطفل والمرأة.
وفي مسعى لتدارك حجم المخاطر المحدقة بالأيتام العراقيين، سارعت اللجنة المعنية برعاية الأسرة والمرأة والطفل المنبثقة عن مجلس النواب العراقي، إلى إعداد مسودات لعدد من المشاريع والقوانين ومنها مشروع قانون صندوق رعاية الأيتام الذي مضى على الانتهاء من إعداده ستة أشهر، وقانون رعاية الأسرة ورعاية المعاقين. إلا إن كل هذه المشاريع اصطدمت برفض مناقشتها، بدعوى الانشغال بإعداد مشروع موحد ينظم هذه الشرائح في قانون واحد.
برلمان للطفل العراقي
ودعت نائبة رئيس هيئة رعاية الطفولة في العراق الدكتورة كوثر إبراهيم إلى "ضرورة العمل الجاد من قبل جميع الوزارات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني لتأسيس برلمان الطفل العراقي".
وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي محمود الشيخ راضي قد أكد في حديث سابق أن "وزارته تعمل كل ما في وسعها لإعطاء كافة حقوق الطفل العراقي".
وبينت إبراهيم في حديث إن "العمل على تأسيس برلمان الطفل العراقي يعد ضرورة لبناء جيل عراقي جديد قائم على الحرية والمشاركة ومؤمن بالتحول الديمقراطي الذي يشهده العراق حاليا".
وأضافت إبراهيم إن "من حق الطفل العراقي أبداء رأيه بشكل واضح وتشجيعه على أن يكون ذا شخصية قادرة على التعامل مع كل الاوضاع التي يمر بها في المستقبل".
نائبة رئيس هيئة رعاية الطفولة في العراق أكدت إن" الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل تطالب الحكومات بإعطاء دور مهم للأطفال يتمثل في إنشاء برلمان خاص بهم يعمل على مناقشة القضايا التي يمرون بها".
وأشارت إبراهيم إلى ضرورة العمل على تعديل اللوائح والأنظمة الداخلية في البلاد وفق ما تضمنته الاتفاقية الدولية للأطفال التي صادق عليها العراق.
إبراهيم لفتت إلى وجود خطوات من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تؤيد ضمان حصول أطفال العراق "المشردين" على حقوقهم التي نص عليها الدستور العراقي.
ويذكر أن أطفال العراق يعانون تأثيرات نفسية جراء أعمال العنف التي تشهدها البلاد كما إن وضع النظام التربوي الهش والمتخلف، بحسب العديد من الخبراء التربويين، أدى إلى خلق هوة بين الطفل العراقي والتقدم الذي شهده العالم في مجال تربية الاطفال وزيادة قدراتهم الشخصية.
حماية حقوق الطفل
خلال زيارة قامت بها العراق لمدة خمسة أيام، الممثلة الخاصة للأمين العام للأطفال والنزاعات المسلحة، راديكا كوماراسوامي دعت إلى اتخاذ إجراءات فورية لتحسين حياة الأطفال العراقيين، وقالت "انه وضع لا يطاق". والتقت خلال الزيارة بالقادة السياسيين في بغداد وأمضت وقتاً مع عدد من الأسر المشردة داخليا في أربيل في إقليم كردستان.
عدم تلبية احتياجات
الأطفال الأساسية
يرتاد المدرسة 50 في المائة فقط من التلاميذ ممن هم في سن المدرسة الابتدائية، وتتوفر لدى 40 في المائة فقط إمكانية الحصول على المياه النقية. ولا تتم تلبية احتياجات الأطفال العراقيين الأساسية فقط، بل إنهم يعانون كذلك ارتفاع حدة العنف، ويجري تجنيدهم في الجماعات المسلحة، ويُجند بعضهم كمهاجمين انتحاريين.
وقد حثت السيدة كوماراسوامي جميع أطراف النزاع على إطلاق سراح الأطفال دون سن 18 عاماً المجندين في قواتها. وتقول إنه يجب أن يتمكن العاملون في مجال المساعدة الإنسانية من التحرك بحرية لإيصال المعونات والإمدادات الحيوية.
دعوة إلى العمل
"لا نستطيع الانتظار حتى تسود بيئة أمنية مستقرة لكي نقدم المساعدة الإنسانية التي أوشكت أن تصبح أزمة"، قالت السيدة كوماراسوامي.
ودعت حكومتي العراق والولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى ضمان سلامة وصول العاملين في المجال الإنساني ليتمكنوا من إيصال المساعدات إلى الأطفال في أنحاء العراق.
كما حثت السيدة كوماراسوامي القادة العراقيين على إبقاء الأطفال خارج دائرة النزاع.
وقالت: "دعوا السلام في العراق يبدأ بحماية الأطفال".
اطفال قيد الاعتقال
وقالت منظمة HRW المعنية بمراقبة حقوق الإنسان حول العالم، إنه ينبغي على القوات الأمريكية في العراق أن تعمل على مراعاة معاملة الأطفال الخاضعين للاحتجاز على النحو المتفق مع وضعهم كأطفال، وإحالتهم للمراجعة القضائية الفورية وتمكين المراقبين المستقلين من مقابلتهم.
وكان الجيش الأمريكي، الذي يقود القوات متعددة الجنسية في العراق، قد أقر بأنه، حتى 12 أيار الجاري، يحتجز 513 طفلاً، باعتبارهم "تهديداً للأمن"، وقال إنه قام بنقل عدد "غير معروف" من الأطفال الآخرين إلى الاحتجاز لدى السلطات العراقية.
وطبقاً لتقرير صدر مؤخراً عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي"، فإن "الأطفال رهن الاحتجاز لدى السلطات العراقية يتعرضون لخطر الإساءات البدنية".
وقالت كلاريسا بينكومو، باحثة حقوق الطفل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنطمة: "كانت الولايات المتحدة صاحبة دور قيادي في مساعدة الجنود الأطفال على العودة إلى المجتمع، وهذا في النزاعات التي ليست طرفاً مباشراً فيها."
ومن المقرر أن تبدأ لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل في مراجعة التزام الولايات المتحدة بـ"البروتوكول الاختياري"، بشأن الأطفال المتورطين في النزاعات المسلحة، والذي صادقت عليه واشنطن عام 2002 .
وتحظر الاتفاقية تجنيد واستخدام الأطفال تحت سن 18 عاماً في النزاعات المسلحة، من جانب أي من الأطراف في النزاع، وتطالب الدول بتوفير "كل المساعدة الممكنة"، من أجل تعافي هؤلاء الأطفال، التابعين للدول الأطراف أو الواقعين ضمن نطاق سلطتها، بدنياً ونفسياً وإعادة دمجهم في المجتمع.
وفي آب 2007، فتحت الولايات المتحدة "دار الحكمة" في معسكر "كروبر"، بهدف توفير خدمات تعليمية لنحو 600 مُحتجز، تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً، حتى إخلاء سبيلهم أو نقلهم للاحتجاز لدى السلطات العراقية.
إلا أنه في أيار 2008، قال مسؤولون عسكريون أمريكيون في بغداد للمنظمة، إن بين 200 إلى 300 طفل فقط من الأطفال المحتجزين البالغ عددهم 513 طفلاً، قد التحقوا بصفوف دراسية في دار الحكمة. وفي الوقت الراهن فإن الأطفال المُستبعدين من البرنامج لا يتلقون أي تعليم.